{لَهُم مّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ} أي فراشٌ من تحتهم، والتنوينُ للتفخيم ومن تجريدية {وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} أي أغطيةٌ والتنوينُ للبدل عن الإعلال عند سيبويهِ وللصرْفِ عند غيره، وقرئ {غواشِ} على إلغاء المحذوف كما في قوله تعالى: {وَلَهُ الجوار} {وكذلك} ومثلَ ذلك الجزاءِ الشديد {نَجْزِى الظالمين} عبّر عنهم بالمجرمين تارةً وبالظالمين أخرى إشعاراً بأنهم بتكذيبهم الآياتِ اتّصفوا بكل واحدٍ من ذيْنِك الوصفين القبيحين، وذكرُ الجُرم مع الحِرمان من دخول الجنةِ والظلم مع التعذيب بالنار للتنبيه على أنه أعظمُ الجرائمِ والجرائرِ. {والذين ءامَنُواْ} أي بآياتنا أو بكل ما يجب أن يُؤمَنَ به فيدخُل فيه الآياتُ دخولاً أولياً وقوله تعالى: {وَعَمِلُواْ الصالحات} أي الأعمالَ الصالحةَ التي شُرعت بالآيات، وهذا بمقابلة الاستكبارِ عنها {لاَ نُكَلّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} اعتراضٌ وُسّط بين المبتدإِ الذي هو الموصولُ والخبرِ الذي هو الجملةُ {أُوْلَئِكَ أصحاب الجنة} للترغيب في اكتساب ما يؤدي إلى النعيم المقيم ببيان سهولةِ منالِه وتيسُّر تحصيلِه، وقرئ {لا تُكَلَّف نفسٌ}، واسمُ الإشارةِ مبتدأٌ، وأصحابُ الجنةِ خبرُه والجملةُ خبرٌ للمبتدإ الأولِ، أو اسمُ الإشارةِ بدلٌ من المبتدأ الأولِ الذي هو الموصولُ والخبرُ أصحابُ الجنة. وما فيه من معنى البُعد للإيذان ببعد منزلتِهم في الفضل والشرف {هُمْ فِيهَا خالدون} حالٌ من أصحاب الجنة وقد جوز كونُه حالاً من الجنة لاشتماله على ضميرها والعاملُ معنى الإضافةِ أو اللام المقدرةِ أو خبرٌ ثانٍ لأولئك على رأي من جوّزه وفيها متعلق بخالدون.{وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مّنْ غِلّ} أي نخرج من قلوبهم أسبابَ الغل أو نطهرها منه حتى لا يكون بينهم إلا التوادُّ. وصيغةُ الماضي للإيذان بتحققه وتقررِه، وعن علي رضي الله عنه: إني لأرجو أن أكون أنا وعثمانُ وطلحةُ والزبيرُ منهم {تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ الانهار} زيادةٌ في لذتهم وسرورهم، والجملةُ حالٌ من الضمير في صدورهم والعاملُ إما معنى الإضافة وإما العاملُ في المضاف أو حال من فاعل نزعنا والعاملُ نزعنا وقيل: هي مستأنفةٌ للإخبار عن صفة أحوالِهم {وَقَالُواْ الحمد لِلَّهِ الذى هَدَانَا لهذا} أي لِما جزاؤُه هذا {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِىَ} أي لهذا المطلبِ الأعلى أو لمطلب من المطالب التي هذا من جملتها {لَوْلا أَنْ هَدَانَا الله} ووفقنا له، واللام لتأكيد النفي وجوابُ لولا محذوفٌ ثقةً بدِلالة ما قبله عليه، ومفعولُ نهتدي وهدانا الثاني محذوفٌ لظهور المرادِ أو لإرادة التعميمِ كما أشير إليه، والجملةُ مستأنَفةٌ أو حالية وقرئ {ما كنا لنهتديَ} الخ، بغير واو على أنها مبيِّنة ومفسرةٌ للأولى.{لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبّنَا} جوابُ قسمٍ مقدر قالوه تبجّحاً واغتباطاً بما نالوه وابتهاجاً بإيمانهم بما جاءتهم الرسلُ عليهم السلام والباء في قوله تعالى: {بالحق} إما للتعدية فهي متعلقةٌ بجاءت أو للملابسة فهي متعلقةٌ بمقدرٍ وقع حالاً من الرسل أي والله لقد جاءوا بالحق أو لقد جاءوا ملتبسين بالحق {وَنُودُواْ} أي نادتهم الملائكةُ عليهم السلام {أَن تِلْكُمُ الجنة} أنْ مفسرةٌ لما في النداء من معنى القولِ أو مخففةٌ من أنّ وضمير الشأنِ محذوفٌ، ومعنى البُعدِ في اسم الإشارةِ إما لأنهم نوُدوا عند رؤيتِهم إياها من مكان بعيد، وإما رفع منزلتِها وبُعدِ رتبتِها، وإما للإشعار بأنها تلك الجنةَ التي وُعدوها في الدنيا {أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} في الدنيا من الأعمال الصالحةِ أي أُعطيتموها بسبب أعمالِكم أو بمقابلة أعمالِكم والجملةُ حال من الجنة والعاملُ معنى الإشارةِ على أن {تلكم الجنةُ} مبتدأٌ وخبرٌ، أو الجنةُ صفةٌ والخبرُ أورثتموها.